د/ حمدي شعيب
في الحلقة السابقة تحدثنا عن القاعدة الأولى من القواعد الذهبية لمواجهة الحملات (الجوبلزية) الإعلامية؛ وهي (احذر الأشاعة ووثق أخبارك).
ونواصل اليوم نسرد ثلاثة من هذه القواعد:
القاعدة الثانية: أتقن فن التعامل مع ناقديك:
هناك قواعد ثلاثة لتتجنب القلق الذي يجلبه لك النقد؟:
أولاً: بقدر قيمتك يكون النقد الموجه إليك:
فالنقد الظالم ينطوي غالباً على إطراء متنكر؛ فمعناه على الأرجح أنك أثرت الغيرة والحسد في نفوس منتقديك.
وتذكر أن النقد الظالم إنما هو اعتراف ضمني بقدرتك وأنه بقدر أهميتك وقيمتك يكون النقد الموجه إليك.
وكما يقولون: (الصاعقة لا تضرب إلا القمم غالباً).
ثانياً: لا تجعل النقد يعرقل مسيرتك:
فركز جهودك في العمل الذي تشعرمن أعماقك أنه صواب وصم أذنيك بعد ذلك عن كل ما يصيبك من لوم الآخرين.
وتذكر قول (شوبنهور): (ذوو النفوس الدنيئة يجدون المتعة في البحث عن أخطاء كل رجل عظيم).
ثالثاً: انظر إلى نصف الكوب الممتلئ:
فاحتفظ بسجل تدون فيه الأخطاء التي ترتكبها وتنتقد بسببها، ولا تستنكف أن تسأل الناس النقد النزيه العف الأمين.
وتذكر قول (لاروشفوكو): (إن آراء أعدائنا فينا؛ أدنى إلى الصواب من آرائنا في أنفسنا).
ثم ابدأ فوراً في تصحيح أخطائك. [دع القلق وابدأ الحياة: ديل كارنيجي]
وتذكر قول الأعشى للأحمق الذي يدمر نفسه بنفسه!:
كناطح صخرةٍ يوماً ليوهنها... فلم يضرها، وأوهن قرنَه الوعلُ
القاعدة الثالثة: لا خيرية بلا اختلاط ... ولا اختلاط بلا صبر:
فالتصدر للمسؤلية قدره يلزمها تحمل.
والاختلاط بالآخرين خير يلزمه صبر.
فالخيرية في المخالطة وإن أتعبتك:
"المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم قال حجاج خير من الذي لا يخالطهم". [مسند أحمد: مسند عمر بن الخطاب]
لذا توقع ما يؤذيك.
والمسؤولية عبء، وتحتاج إلى قدرات.
ولكن لا تنزل إلى مستوى من سبك!؟:
"إِذَا سَبَّكَ رَجُلٌ بِمَا يَعْلَمُ مِنْكَ فَلَا تَسُبَّهُ بِمَا تَعْلَمُ مِنْهُ فَيَكُونَ أَجْرُ ذَلِكَ لَكَ وَوَبَالُهُ عَلَيْهِ". [أخرجه أحمد صححه الألباني]
القاعدة الرابعة: شبهوك بالنخلة ... فتشبه بسلوكها:
هل تأملت النخلة؟.
وكيف تقابل من يرميها بالحجر فتقابله بالثمر؟!.
هكذا يجب أن تكون.
تعطي أجمل ما عندك لمن قذفوك بأسوأ ما عندهم.
وتأمل عندما قال له أحدهم للحسن البصري رحمه الله؛ إن فلان يسبك ويؤذيك بلسانه، وأنت تحسن إليه.
فقال: كلُ يٌنفق مما عنده.
وتذكر قول الشاعر:
فحسبكم هذا التفاوت بيننا ... فكلُ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ
ولهذا كان هذا التشبيه الرائع من الحبيب صلى الله عليه وسلم.
فعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟.
فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ.
ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟.
قَالَ: فَقَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ.
قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ.
قَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِيَ النَّخْلَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا". [رواه مسلم]
وكلما كانت الشجرة مثمرة كان الرمي أشد وكان القذف أقسى.
وكما يقولون: (كلما ارتفعت الأشجار كلما كثرت حولها الغيوم).
فردد دوماً لكل متحامل: أيها المتحامل على رأيي، لن أقابلك بما قابلتني به وسأدفع بالرأي والقول والفعل بل وبالصمت الأحسن؛ لأنه "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ". [فصلت34]
واستبشر خيراً بهذا الوعد من الحبيب صلى الله عليه وسلم:
"ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله رجلاً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل". [مسند أحمد]
وسنواصل بعون الله توضيح بقية القواعد.
____________________
خبير تربوي وعلاقات أسرية
hamdy_shoaib@hotmail.com